9/02/2011

لا نجد أي أثر فعلي لهيآت المراقبة العليا على الصفقات العمومية

 في حوار مع جريدة التجديد قال عبد اللطيف برحو، برلماني ومختص في شؤون الجماعات المحلية والجبايات والصفقات العمومية:لا نجد أي أثر فعلي لهيآت المراقبة العليا على الصفقات العمومية
 
أشارت مذكرة تقديم مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية إلى أنه تم الوقوف بعد وضع مرسوم 2007 حيز التطبيق على مجموعة من الاختلالات، فما هي أبرز هذه الاختلالات؟
هذا المشروع المطروح منذ أكثر من سنة دون أن يتم البت فيه من قبل الحكومة يثير مجموعة من الإشكالات المرتبطة من جهة بطرق تدبير المالية العمومية بالمغرب، ومن جهة ثانية بمبدأ الشفافية ومصداقية الصفقات العمومية.
فالتدبير المالي بالمغرب يعاني من عدة اختلالات كبرى، على رأسها طرق تدبير الصفقات وإعدادها وتنفيذها، فتدبير الصفقات العمومية يجب أن يكون مؤطرا بنص قانوني وليس بمرسوم فقط كما هو جاري به العمل منذ عقود، ولم تتوان الحكومات السابقة وهذه الحكومة عن خرق الدستور بشكل متكرر عبر اعتماد نظام الصفقات العمومية بمرسوم خارج الإطار التشريعي الذي كان يفترض أن يتم فيه. وقد لجأت الحكومات المتعاقبة إلى حيلة لتجاوز الأساس القانوني عبر تسمية المرسوم بالنص المحدد لشروط وشكليات إجراء الصفقات العمومية وطرق مراقبتها عوض أن تسميه المرسوم المنظم للصفقات العمومية كي تتفادى الإشكال الدستوري، وهذا التجاوز الدستوري يعطي انطباعا أوليا دائما بعدم رغبة الحكومات في احترام قواعد الشفافية والمباديء القانونية الأساسية، وهو ما تجلى في العديد من المحاور التي تقرها منظومة الصفقات.

هل هذا المشروع حدد قواعد الحكامة المالية في تدبير الصفقات العمومية؟
إذا ما تمعنا في المراسيم السابقة المنظمة للصفقات العمومية، فإننا نجدها تركز بالأساس على القواعد الشكلية والمسطرية، خاصة فيما يتعلق بطرق تدبير طلبات العروض والصفقات التفاوضية، وهذا يعني بالأساس أن إمكانية تجاوز القواعد الشكلية تبقى دائما متاحة إذا ما تم استيفاء الوثائق والمساطر المحددة، في حين يتم دائما إغفال جانب المراقبة وطرق تتبع تنفيذ الصفقات، كما يتم عادة إغفال أهم قواعد الحكامة المالية في تدبير الصفقات العمومية. وهذا الوضع أدى إلى تفاقم الفساد المالي على مستوى تدبير الصفقات العمومية على الرغم من الإصلاحات المتكررة التي يخضع لها هذا المرسوم منذ سنة 1998. فالأهم هو إقرار قواعد تتبع الأشغال وكيفية تنفيذ الصفقات العمومية على مستوى الإدارات والوكالات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، والأولوية يجب أن تعطى لنتائج ومدى تحقيق أهداف كل صفقة عوض أن تقتصر المراقبة على مدى احترام المساطر الشكلية وعلى وجود الوثائق المثبتة.
أما هيآت المراقبة العليا بالمغرب فلا نجد لها أي أثر فعلي على مستوى تدبير الصفقات العمومية وعلى مدى تحقيق الأشغال والنتائج الميدانية لتنفيذ الصفقات، وهذا هو جوهر رقابة التسيير Contrôle de Gestion، وهي الرقابة التي يجب أن تكون ذات أولوية قصوى لضمان شفافية تدبير الصفقات العمومية ولمدى تحقيقها للأهداف المتوقعة من إجرائها.
لكن للأسف حتى المشروع الجديد الذي يتم تداوله لدى الأمانة العامة للحكومة لا يلقي بالا لهذه المعطيات وهذه الأولويات، وبالتالي يعبر هذا المشروع عن إحدى مظاهر العجز الذي تعني منه الحكومة في مواجهة الاختلالات الكبرى التي يعرفها تدبير المالية العمومية.

ما هو أثر التأخر الحكومي في إصلاح حقيقي لتدبير الصفقات العمومية؟
يجب التأكيد على أن تأخر الحكومة في اعتماد إصلاح جذري وحقيقي لمنظومة تدبير الصفقات العمومية يُفاقم الاختلالات ويؤدي لتفشي الفساد المالي بشكل غير مسبوق، خاصة وأن الجماعات المحلية، التي تساهم بأزيد من 30 مليار درهم سنويا في حركية المالية العمومية عبر مساطر الصفقات، تبقى خارج أي نظام، وهذا يعني مزيدا من الفساد المالي ومزيدا من الغموض في تدبير المشتريات العمومية.
فالأولوية يجب أن تعطى لإعداد منظومة جديدة ومتكاملة لتدبير الصفقات العمومية، ويجب أن يكون البرلمان القادم هو المؤسسة المختصة بالمصادقة على هذه المنظومة، كما يتعين أن يتم التركيز على الإصلاحات الحقيقية التي تضمن شفافية إعداد ومنح الصفقات العمومية، ويضمن كذلك حسن التنفيذ وقدرة هيآت الرقابة العليا على تتبع هذا التنفيذ ضمانا لتحقيق الأهداف واستفادة المواطنين فعليا من النفقات العمومية.

المصدر 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"