3/05/2011

من يكون المجلس الأعلى للحسابات ؟

  


من أهم المؤسسات المغربية التي سيتعاظم، حسب تقديرنا، دورها في الفترة القادمة هي مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات التابعة له. فالدور المنوط بهذه المؤسسة كبير و حساس حيث مجال مراقبة تدبير الأجهزة العمومية و استعمال الأموال العمومية. لهذا فالتعريف بهذه المؤسسة ضروري لتقريبها من العموم، و ليس أجدر بالتعريف بنفسه من المؤسسة نفسها، فمادة هذا الموضوع تعتمد بالأساس على تقريرها لسنة 2006:
القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية صدر سنة 2002. فالمحاكم المالية(المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات) مختصة على الخصوص بمراقبة التدبير و استعمال الأموال العمومية. فاستنادا إلى المادتين 75 و 147 من مدونة المحاكم المالية، تهدف مراقبة التدبير الممارسة من قبل   المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات إلى :
-تقييم جودة تدبير الأجهزة المراقبة و تقديم إن اقتضى الأمر، المقترحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين مناهجه و الزيادة في فعاليته و مردوديته؛
-تقييم مدى إنجاز الأهداف المحددة و النتائج المحققة، و كذا كلفة و شروط اقتناء و استعمال الوسائل المعتمدة؛
-التأكد من شرعية و صدق العمليات المنجزة، و كذا حقيقة الخدمات المقدمة و التوريدات المسلمة و الأشغال المنجزة،
-التأكد من أن الأنظمة و المساطر المعتمدة تضمن التدبير الأمثل للموارد و استخداماتها و حماية المتلكات.
تلاحظون إذا أن المهام المخولة للمحاكم المالية على درجة كبيرة من الأهمية و تستحق بها المؤسسة كل الدعم و التقدير لمجهودات القضاة و الأطر و الأعوان العاملين بهذه المحاكم.
كما تضطلع المؤسسة أيضا بمراقبة استخدام الأموال العامة من طرف الأجهزة التي تتلقى مساهمة في رأسمال أو مساعدة كيفما كان شكلها سواء من الدولة أو الجماعات المحلية أو هيئاتها أو المؤسسات العمومية أو من الأجهزة الأخرى الخاضعة للمراقبة الجمعيات. و الهدف من هذا النوع من المراقبة هو التأكد من أن الأموال العامة المتلقاة قد استخدمت طبقا للأهداف المبتغاة من وراء المساهمة أو المساعدة.

 هذا و تجدر الإشارة إلى أن المحاكم المالية تتضمن : المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات. فحسب الفصل25 من مدونة المحاكم المالية فإن الأجهزة العمومية الخاضعة لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات هي : مرافق الدولة (الوزارات..) و المقاولات و المؤسسات العمومية التي تتوفر على محاسب عمومي. أما المجالس الجهوية للحسابات، التي ثم تنصيبها سنة 2004، فتتكلف بمراقبة حسابات و تسيير الجماعات المحلية و تجمعاتها. فكل مجلس جهوي يمارس اختصاصاته القضائية ضمن دائرة نفوذه الترابي. 
مع بداية أنشطته  أخرج المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية التابعة له ثلاث تقارير عن سنوات 2003 و 2004 و 2005. و قد ركزت هذه التقارير بالخصوص على المجهودات المبذولة لإعادة هيكلة مختلف غرف و مصالح المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية  للحسابات بالإضافة إلى عرض النتائج الأولى للمهمات الرقابية.
لذلك كان علينا أن ننتظر تقرير سنة 2006 الذي عرض فيه المجلس النتائج الملموسة الأولى للمهمات الرقابية المنجزة في مختلف الوحدات و الهيئات العمومية. فهذا التقرير يعد بحق بداية العمل الحقيقي للمحاكم المالية من خلال عرضه التفصيلي لمهامه الرقابية على مستوى مراقبة التدبير و مراقبة استعمال الأموال العمومية. فتوالت بعدها التقارير و نحن الآن في انتظار تقرير المجلس عن سنة 2009. سوف نعود إلى محتوى هذه التقارير في المستقبل القريب كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
قد يقول قائل ما أهمية هذه التقارير إذا كانت لا تنتهي بملفات الجرائم المالية إلى القضاء ليتخذ مجراه الطبيعي في المتورطين ؟
على الرغم من صحة الملاحظة الجوهرية التي يبديها العديد من المتتبعين وعموم المواطنين و المتعلقة بعدم متابعة المتورطين في جرائم المال العام، فإنه يجب عدم تحميل المحاكم المالية ما ليست ملزمة به قانونيا. فهذا(أي إحالة الملفات على القضاء) أمر هينٌ و يسير على المحاكم المالية بالنظر إلى باقي المهام التي تضطلع بها. فالمحاكم المالية تقوم بدور هام في مراقبة التسيير و الكشف عن الاختلالات ثم نشر تقارير حول مهامها و إبلاغ وزير العدل بالملفات ذات الطابع الجنائي. فالمسؤول عن إحالة الملفات الجنائية إلى القضاء هو وزير العدل الذي يتوصل بهذه الملفات من رئيس المجلس الأعلى للحسابات. فمسؤولية المجلس تقف عند هذا الحد و كفى بها مسؤولية عظيمة و حساسة، استدعت من المشرع أن يلزم قضاة المحاكم المالية بالقسم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"