5/09/2011

وزير العدل يحيل ملف عليوة على النيابة العامة بالرباط


أحال وزير العدل ملف خالد عليوة، الرئيس الأسبق للقرض العقاري والسياحي، على النيابة العامة بالرباط، بعد وقوف قضاة المجلس الأعلى للحسابات على العديد من التجاوزات، خلال الفترة التي كان يرأس فيها المجلس المديري للمؤسسة.
وأكدت مصادر مطلعة أن وزير العدل توصل بالتقرير في 20 يناير الماضي قبل نشره في الجريدة الرسمية وفي موقع  المجلس الأعلى للحسابات على الأنترنيت. وبعد دراسته من طرف مديرية الشؤون الجنائية، أحيل الملف على النيابة العامة بالرباط، التي أحالته بدورها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء، وذلك في فاتح فبراير الماضي. 

وقرر وزير العدل إحالة الملف على النيابة العامة بالرباط، باعتبار أن المعني بالأمر يقطن بالرباط، كما أن من شأن ذلك أن يخفف الضغط على محكمة الاستئناف بالبيضاء.
ويواجه عليوة في هذا الملف العديد من التهم من قبيل الاختلالات في تسيير المؤسسة، والنفقات غير المبررة المخصصة لبعض الوحدات الفندقية التابعة للقرض العقاري والسياحي، إضافة إلى المبالغ التي خصصت لإعادة تهيئة بعض الفنادق ومنح امتيازات غير قانونية لنفسه ولأفراد من عائلته وعدد من المسؤولين بالمؤسسة البنكية.
وهناك العديد من التجاوزات التي حصرها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، من قبيل تفويته لنفسه شقتين بأسعار تقل عن سعر السوق بثلاثة أضعاف، واختفاء بعض الأعمال الفنية بعد أن اقتنتها المؤسسة، إضافة إلى تخصيص مكتب محاماة واحد للتكفل بالعديد من القضايا، وذلك بكلفة أتعاب وصلت إلى 4 ملايين درهم. وتأتي خطوة وزير العدل من أجل تعميق البحث في المخالفات التي جاءت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، خاصة أن المعني بالأمر لم تتح له فرصة الرد والدفاع عن نفسه، وستتكلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتعميق البحث ودراسة المستندات والوثائق، التي يتوفر عليها المجلس بهذا الصدد.
يشار إلى أن كل الملفات التي يعتبرها الوكيل العام بالمجلس الأعلى للحسابات تدخل في إطار المتابعة الجنائية، يجب أن ترفق، خلال الإحالة على القضاء، بالوثائق والدلائل التي تثبت التهم المنسوبة إلى المسؤولين عنها.


و هذا و سبق لنفس المصدر أن سجل أن التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات (2009) خص خالد عليوة، الرئيس المدير العام الأسبق للقرض السياحي والعقاري، بحصة الأسد (44 صفحة)، ضمن الجزء الخاص بمراقبة التدبير واستعمال الأموال العمومية بالقطاعات الاقتصادية والمالية. وانتهى قضاة إدريس الميداوي، خلال بحثهم في الفترة ما بين 2003 و2009، إلى خلاصة صادمة مفادها أن القيادي الاتحادي كان يسير هذه المؤسسة العمومية بعقلية «مول البيسري»، أي العمل بشكل منفرد، أو ما يسمى الحكامة الأحادية التي أقرها الجمع العام المختلط للبنك يوم 14 يناير 2007 لتتخذ المؤسسة شكل شركة مساهمة يسيرها مجلس إدارة جماعية ومجلس رقابة، بدل شركة مساهمة يسيرها مجلس إداري.
ولم يكن تقرير المجلس الأعلى للحسابات أول علامات «سقوط» خالد عليوة، بل سبقتها مؤشرات أخرى، كان أقواها تدخل مجلس المراقبة، التابع للمؤسسة نفسها، يوم الجمعة 24 أبريل 2009 الذي أقر بتنحية القيادي الاتحادي، وتعيين نائبه على رأس الإدارة العامة.
قبل ذلك، كان بعض «أصحاب الحسنات» سربوا ملفا مثقلا بالوثائق والحجج إلى الصحافة الوطنية، يضع وزير التشغيل الأسبق وعضو المكتب السياسي السابق للاتحاد الاشتراكي وأحد الذين تنافسوا على منصب عمدة الدار البيضاء سنة 2003، وجها لوجه أمام تهمة من العيار الثقيل تفيد استحواذه على سكن فاخر بوسط الدار البيضاء خارج المسطرة القانونية المنظمة لتفويت الممتلكات التابعة للبنك، تعسر على أحد ضباط الجيش تسديد مستحقاته، ما نفاه عليوة في حينه في حوار طويل مع «المساء»، مؤكدا احترامه للمسطرة القانونية المنظمة لتفويت ممتلكات البنك، معتبرا أن ثمن 180 مليون سنتيم الذي اشترى به الشقة التي تبلغ مساحتها 500 متر مربع بشارع الرشيدي مناسبا ومن حق «سياش» أن تبيع أي ملك من أملاكها للعاملين فيها وفق الثمن الذي تراه شريطة ألا تخسر فيه، ويمكن أن تفوته بالمجان.
في الوقت الذي كان عليوة يوزع صكوك براءته على الجرائد، كان قضاة المجلس الأعلى للحسابات يفتشون في الأهم، حين اكتشفوا أن عضو المكتب السياسي السابق للاتحاد الاشتراكي مد يده بشكل مباشر على عقارات في ملكية البنك بأثمنة أقل بكثير مما هو معمول به في السوق، ويتعلق الأمر بشقق «إيتاروطار.إف»، وهما شقتان متجاورتان مساحتهما على التوالي 112 و282 مترا مربعا اقتناهما البنك سنة 1997 بسعر  مليون و695 ألفا و802 درهم، وبيعت للرئيس الأسبق سنة 2006 بثمن مليون و705 آلاف درهم، أي ما يعادل 3458 درهما للمتر مربع في حين ناهز المتر المربع في هذه الفترة 20 ألف درهم، أي بفارق إجمالي بلغ 8 ملايين درهم.قبل عملية البيع بسنة، كان البنك تكلف بتهيئة الشقتين بمبلغ مليون و430 ألف درهم، ومصاريف أخرى بعد الشراء، إذ وصل إجمالي مصاريف التهيئة إلى مليون و972 ألف درهم، بمعنى أن البنك باع العقارين بخسارتين: خسارة فارق السعر، وخسارة الفرق بين ثمن البيع ومصاريف التهيئة، أي الفرق بين مليون و705 آلاف درهم ومليون و972 ألف درهم. بموازاة ذلك، يضيف التقرير، استمر الرئيس المدير العام السابق في تفويت أصول وعقارات بأثمنة منخفضة، مقارنة مع أسعار السوق، لعدد من الزبائن، ومن ذلك شقة بأكدال (157 مترا مربعا) تم بيعها بـ863.500 درهم، أي بـ5500 درهم للمتر مربع، مقابل 15 ألف درهم السعر الحقيقي. هناك أيضا عمارة من أربعة طوابق تتكون من 58 محلا تجاريا و88 شقة بشارع محمد الخامس بالقنيطرة التي بيعت سنة 2007 بـ23.2 مليون درهم، بينما ثمنها الحقيقي أكثر من 38 مليون درهم. بمراكش، بيعت عمارة غير مكتملة البناء من 5 طوابق بمنطقة كيليز بـ14 مليون درهم فقط، بينما اقتناها البنك سنة 2002 بـ25 مليون درهم. وباع المدير العام بمدينة فاس مركبا عقاريا مساحته 2761 مترا مربعا (4 عمارات من 5 إلى 6 طوابق ومرأب سيارات و42 محلا تجاريا و7 مكاتب ومقهى و61 شقة) بثمن 35 مليون درهم فقط (السعر الحقيقي 54 مليون درهم)، كما باع محلا تجاريا بحي راسينغ بالبيضاء بخمسة ملايين و300 ألف درهم ويقدر ثمنها بـ9 ملايين و930 ألف درهم، وبالمضيق، باع عليوة منزلا صيفيا لشخص يدعى (م.ش) بـ 950 ألف درهم، بخسارة ما بين مبلغ 3 ملايين و879 ألفا و300 درهم ومبلغ 4 ملايين و844 ألفا و300 درهم، وقد اكتشف المجلس الأعلى للحسابات، بعد ذلك، أن المستغل الحقيقي لهذا المنزل لم يكن سوى عليوة نفسه.
إضافة إلى الزبائن «المميزين»، وزع المدير السابق عددا من الشقق التابعة للبنك على بعض موظفيه وأطره بالرباط والبيضاء والمضيق (9 شقق) تراوحت أثمنتها ما بين 3 آلاف و7 آلاف درهم للمتر مربع، في حين أن السعر الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير.
التقرير الخاص بالقرض السياحي والعقاري يقع في 44 صفحة ويرصد عددا من الخروقات في التدبير والتسيير المالي والتنظيمي والقانوني، بقطاع القروض واسترجاعها والديون وفي قطاعي العقار والقطاع الفندقي الذي حاز على جزء مهم من التقرير. ومن خروقات عليوة، في هذا الإطار، أنه كان يتمتع بامتيازات خيالية بعدد من الفنادق، من ذلك حجز الأجنحة الملكية والرئاسية ووضعها تحت تصرفه أو تصرف بعض أقاربه، والمبيت والأكل والشرب «بيليكي» والاستفادة من تعويضات التنقل على حساب الفنادق في غياب أوامر بمهام وأداء مصاريف سيارة رباعية الدفع دون الإدلاء بالوثائق وأداء مصاريف الهاتف المحمول (120.169.45 درهما)، وتعيين مستخدمي الفنادق (تافيلالت بمراكش ولوليدو بالبيضاء) لخدمة الرئيس الأسبق خلال عطلته الصيفية بإقامته بمجمع الميناء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"