12/21/2011

المغرب يتراجع مرة أخرى في مؤشر مكافحة الفساد!

قدمت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة «ترانسبرانسي المغرب» مؤخرا، النتائج التي حصل عليها المغرب في مؤشر مكافحة الفساد لسنة 2011 والتي نشرتها منظمة الشفافية الدولية ضمن تقريرها السنوي برسم السنة الجارية.
وأفاد التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لسنة 2011 ، بأن المغرب احتل المرتبة 80 عالميا من بين 183 دولة جرى تصنيفها طبقا لهذا المؤشر، كما حصل على نقطة 3,4 على عشرة في معدل الشفافية.
واعتبرت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، إن المغرب الذي عبر عن إرادته القوية، على المستويين الوطني والدولي، في أن ينضم إلى الدول العازمة على محاربة هذه الآفة، من خلال استضافته للدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد سنة 2011، عليه أن يبذل مزيدا من الجهد في هذا الصدد .
ومن أجل تعزيز محاربة ظاهرة الرشوة، دعت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، السلطات المعنية إلى تحمل مسؤوليتها واتخاذ المزيد من الإجراءات الملموسة في هذا السياق، كمتابعة الأشخاص المتورطين في حالات الرشوة وإبعادهم عن تسيير الشأن العام.
كما طالبت بتطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد، وإشراك المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقوى الديمقراطية المنظمة ومراقبة القطاعات التي تتفشى فيها ظاهرة الرشوة نقطة غير مشرفة من خلال نتائج الدراسة التي همت 183 دولة، يقول عز الدين أقصبي، عضو المكتب التنفيذي لـ«ترانسبرانسي»، أن حصول المغرب على معدل 3.4، لا يعتبر تقدما بل هو لم يحرز أي جديد، فهي نفس النقطة التي حصل عليها خلال السنة المنصرمة، ويعتقد أن المغرب فشل في التقدم، وهي على العموم نقطة غير مشرفة فهي أقل من النقطة التي حصل عليها سنة 2007، حيث جاء المغرب في الرتبة 72 بعدما حصل على نقطة3.5. مضيفا، أن هذه الرتبة جد مقلقة وتشير إلى أن الرشوة أصبحت نظامية ومنتشرة في جميع المجالات، أما فيما يخص تقدم المغرب على مستوى الرتبة رغم حصوله على نفس المعدل، فالأمر مرتبط بعدد البلدان التي همها التقرير السنوي لملامسة الرشوة.
مضيفا أن ترتيب المغرب كان أيضا غير جيد في ما يخص ترتيبه على مستوى الدول العربية، فقطر مثلا، التي تقدمت ترتيب الدول العربية، استطاعت الحصول على معدل 7.2، في حين احتل المغرب الرتبة التاسعة من بين 17 دولة عربية وهي رتبة لا يحسد عليها.
مؤكدا أنه بالرغم من أن نتائج المغرب كانت سيئة وغير إيجابية، فإن الأمر الإيجابي والسار، هو الحراك الشعبي الذي بفضله لم تعد محاربة الرشوة والفساد أمرا منحصرا في جمعية بعينها، وإنما تحول إلى هم مجتمعي، معتقدا أن حراك 20 فبراير هو الخبر السار بالنسبة إلى جمعية «ترانسبرانسي المغرب»، لكن العمل الذي يجب القيام به سيكون على مستوى المسؤولين وليس حركة 20 فبراير لأن التغيير مسؤولية المسؤولين.
الحكومة راضية
ذهبت وزارة تحديث القطاعات العامة، في بلاغ لها، إلى أن المغرب حقق تقدما ملموسا في مجال محاربة الفساد، وذلك بالمقارنة مع السنتين الماضيتين، مشيرة إلى أن المغرب كان يحتل في نفس التصنيف الرتبة 89 من بين 180 دولة سنة 2009، وتقدم بعد ذلك إلى الرتبة 85 سنة 2010.
وذكر بلاغ الوزارة، أن عددا من الملاحظين والمتتبعين سجلوا أهمية هذا التقدم الذي يعد مؤشرا إيجابيا على نجاعة اختيارات المغرب في مجال الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام ومحاربة الفساد، وأن هذا التقدم يعبر عن «فعالية البرامج والتدابير التي اتخذها المغرب في نطاق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، والتي تمت أجرأتها في برنامج عمل الحكومة للوقاية من الرشوة ومحاربتها المتضمن لمجموعة من الإجراءات العملية الملموسة في إطار برنامج مدقق وقابل للتنفيذ على الأمد القصير 2010 - 2012، وهو البرنامج الذي أقرته الحكومة في 21 أكتوبر 2010 تعزيزا للإستراتيجية الوطنية المعتمدة في هذا المجال».
الجماعات المحلية والعدل في المراتب الأولى
من خلال التقرير السنوي الخاص بمركز الدعم القانوني ضد الرشوة الذي يتضمن الأنشطة التي أنجزها المركز خلال سنة 2011 ، يمكن الخروج بخلاصة مفادها أن  الشكايات التي تلقاها المركز سجلت انخفاضا بنسبة 20 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، حيث توصل المركز خلال هذه السنة بـ 547 شكاية فقط مقابل 835 ملفا في 2010.
وأشار التقرير إلى أن 15 في المائة من هذه الشكايات تخص الجماعات المحلية، متبوعة بقطاع العدل بنسبة 14 في المائة ثم قطاع الأمن 13 في المائة، ونفس النسبة تم تسجيلها بالنسبة للدرك الملكي، وهو ما يفيد حسب التقرير أن القطاعات التي هي في علاقة مباشرة ويومية مع المواطنين تستشري فيها الرشوة بصفة كبيرة.
ويقول رشيد المكناسي الفيلالي، الكاتب العام لترانسبارنسي المغرب،إن الرشوة هي نتيجة طبيعية لسوء تدبير المرافق العمومية في المغرب، وبالتأكيد فإن ظاهرة الفساد والرشوة واستفحالها مرتبط أساسا بطبيعة تدبير الشأن العام في المغرب، «تسيير تغيب فيه الشفافية واستغلال السلطة وانتشار المحسوبية واستغلال النفوذ، وكلها مظاهر مرتبطة بطبيعة تدبير آلية الحكم ببلادنا، والمطلوب في المرحلة القادمة إعادة النظر في طرق مواجهة معضلة الرشوة ومكافحة الفساد» يضيف الفيلالي.
الصفقات العمومية كذلك
أشار التقرير السنوي الخاص بمركز الدعم القانوني ضد الرشوة، أن مجال الصفقات العمومية، يعتبر من بين القطاعات التي تم وضع شكايات بشأنها من قبل المقاولين تتعلق بخصوص إجراءات تدبير بعض الصفقات.
ويقول هشام التزكيني، صاحب كتاب «دليل الصفقات العمومية» الصادر مؤخرا باللغة الفرنسية، إن ظاهرة الرشوة يمكن أن تُعرف من حيث أنها طلب لمنفعة، وهذا الصنف صادر عن المشتري العمومي، وكذلك من حيث إنها عرض لمنفعة، وهذا الصنف صادر عن المقاولة، وإذا تم تناول هذه الظاهرة يجب أن يكون شاملا وعميقا، أما إذا اقتصرنا على النظر في بيئة المشتري العمومي، فإن البحث المحايد عن الجواب يتطلب تناول فرضيات تتعلق بالرقابة، وبفاعلية نظام الشكايات، ثم هناك منها ما يتعلق بالتكوين والتكوين المستمر، وبطرق تسيير الهيئات العمومية، وبدور القضاء النزيه والمستقل الذي يمكن المقاولة من الدفاع عن مصالحها دون اللجوء إلى «اقتناء الحلول»، هذا دون إغفال مسألة أجور الموظفين خصوصا العاملين في أقسام ومصالح الصفقات، حيث ذهبت التوصيات الدولية إلى درجة تمييزهم بنظام أجور يتلاءم و أهمية و خطورة وظائفهم والمهام المسندة إليهم، وكذا أهمية عامل النزاهة عند إسناد الوظائف المعرضة للانحرافات ولمخاطر المخالفات، ونوه التزكيني بالأطر والأعوان العاملة في مختلف الهيئات العمومية والتي تنأى بنفسها عن كل انحراف من شأنه أن يضر بصورة القطاع العام، والاقتصاد الوطني، وبجودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين وعموم المرتفقين.
حماية المبلغين عن الرشوة
تطالب الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة في المرحلة المقبلة، ببناء سياسات مضبوطة ومنسجمة من خلال ثلاثة جوانب استراتيجية، ويقول الكاتب العام للجمعية أن أولها يتمثل في حماية الشهود ومبلغي الرشوة، ثم ثانيا إخراج القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة، وثالثا إخراج الهيئة التي نص عليها الدستور الجديد والتي ستناط بها صلاحيات تنسيق وتطوير آليات وسياسات محاربة والتصدي والوقاية من الرشوة.
معتبرا أن الحكومات السابقة تقارب الموضوع بطريقة أحادية دون إشراك الفاعلين المعنيين بتلك الملفات، وأعطى مثالا على ذلك، بالكيفية الأحادية التي تم بها إخراج قانون حماية المبلغين عن الرشوة دون فتح أي حوار حقيقي مع الخبراء والهيئات المختصة في مجال الفساد ومحاربة الرشوة.
«ترانسبرانسي المغرب» تمنح جائزة النزاهة لتاجر
اختارت لجنة النزاهة في الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة «ترانسبرانسي المغرب»، مراد الكرطومي، تاجر بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، كفائز بجائزة النزاهة لسنة 2011، وقال عبدو برادة، منسق اللجنة، إن «هذا الاختيار جاء للعمل الدؤوب والفردي للكرطومي منذ ما يناهز 10 سنوات من أجل التنديد بالممارسات المتجذرة والمخالفة للقانون، التي تقع بسوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء»، مشيرا إلى أن مجموع الاختلاسات في هذا السوق تصل إلى 30  مليار درهم سنويا.
وأضاف أن التنديد بهذه الممارسات عرف صدى كبيرا لدى الرأي العام، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، وأن هناك أربعة ملفات تخص سوق الجملة، يتابع فيها 10 أشخاص، معروضة على القضاء، وأن «ترانسبرانسي المغرب» دخلت كطرف مدني في القضية.
واعتبرت لجنة النزاهة أن «الكرطومي» أعطى بشجاعته مثالا لما يمكن لأي مواطن أن يفعله عندما يقرر أن يندد بالممارسات المخالفة للقانون» وأنه «كسر قانون الصمت، الذي يسود في مثل هذه الأوساط، على حساب أمنه الشخصي ومكسب رزقه»، وأشارت اللجنة إلى أن مثل هذه الممارسات تحرم الخزينة العامة من عائدات مهمة، وتوجد في قطاعات مختلفة، وتستمر دون الخضوع للعقاب، وعبرت اللجنة عن أملها في أن يتقدم أشخاص مثل الكرطومي للتنديد علنيا بالممارسات المخالفة للقانون، التي يطلعون عليها خلال مزاولتهم لمهنهم، ككل مواطن له حس بالمسؤولية.
تحديات الحكومة المقبلة
علق رشيد المكناسي الفيلالي، الكاتب العام لترانسبارنسي المغرب، على التقرير الأخير، بأن وضعية المغرب لم تتغير منذ تسع سنوات، حيث ظل تنقيط المغرب يتأرجح مابين 3.2 و3.5 على عشرة، وهو ما يعني أن المغرب لم يحسن وضعه في مؤشر إدراك الفساد.
وترى ترانسبارنسي المغرب، أن محاربة والوقاية من الرشوة تتطلب مقاربة شمولية من حيث المنهج، ترتكز أساسا على النظام الوطني للنزاهة، ومن ذلك على الحكومة المقبلة ضرورة الانطلاق من دراسة كل الأعمدة التي تقف عليها الحياة المجتمعية والاقتصادية بالمغرب، ومواجهة كل الاختلالات التي تميز تدبير السياسات العمومية، هذه الأعمدة التي ترتكز على الجوانب التشريعية والتنفيذية، إضافة إلى دور المجتمع المدني والإعلام، والمطلوب بعد تلك الدراسات المرتكزة على الأعمدة المؤسسة لنظام النزاهة بناء استراتيجيات أفقية وعمودية.

المغرب يصنف في خانة الدول التي أصبحت فيها الرشوة حالة مزمنة
لقد كنا في السابق نشعر بأننا «يتامى» في ملف محاربة الفساد، بينما اليوم نلاحظ ازدياد تنامي الوعي لدى الجماهير الشعبية لمحاربة الفساد بشتى أنواعه، ونحن كجمعية مهتمة بهذا الملف منذ 16 سنة، مسرورون بهذا الوعي..كما أن الربيع العربي في الدول العربية، بما فيها دول المغرب العربي، جعل من مطلب إسقاط الفساد أحد الشعارات الأساسية في المسيرات الاحتجاجية، حيث عاينا بالمغرب شعارات كـ«لا للفساد ولا لنهب المال العام» و«لا للجمع بين السلطة والثروة».
وقد احتل المغرب حسب هذا التقرير المرتبة 80، من بين 183 دولة، محصلا على معدل 3.4 من 10 وهو المعدل ذاته الذي حصل عليه سنة 2010 ، وبذلك يصنف المغرب في خانة الدول التي أصبحت فيها الرشوة حالة مزمنة، والخطير في الأمر أن الوضعية في مجال محاربة الفساد والرشوة بالمغرب تظل وضعية مستقرة منذ سنة 2007 إلى يومنا هذا، إذ لم يحقق المغرب أي تقدم يذكر حسب الترتيب والمعدل المحصل عليه، مما يدل على أن الرشوة بالمغرب أضحت مستشرية في عدد من القطاعات بصفة نظامية.
وأعتقد أن السبب الذي يساهم في استمرار الفساد والرشوة بالمغرب، هو غياب التطبيق والأجرأة، فالمغرب صادق على معاهدة محاربة الرشوة دون تطبيقها ووضع مجموعة من البرامج لم تجد بعد طريقها إلى التطبيق. والقوانين التي تم تشريعها في هذا الصدد لم يتم تفعيلها أيضا، نحن الآن على أبواب مغادرة الوزراء وكذا البرلمانيين لمناصبهم لكنهم لم يصرحوا بعد بممتلكاتهم بالرغم من وجود قانون التصريح بالممتلكات، مع استمرار عقد الصفقات العمومية خارج القانون، وبالتالي فإن تجاوز هذه الوضعية يحتاج إلى تطبيق القوانين وإصلاح القضاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"