2/07/2012

أبودرار: محاربة اقتصاد الريع تفرض وضع حد للإفلات من العقاب

أكد عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن نجاعة ما جاء به الدستور الجديد وما تخلله التصريح الحكومي الأخير، تظل رهينة بما سينبثق عنها من مقتضيات، خاصة على مستوى تأهيل وتحيين وتطوير تشريعات حماية المال العام والإثراء غير المشروع
والتصريح بالممتلكات، مضيفا خلال حوار خص به «المساء»، أن الهيئة وضعت مقترحات على مكتب بنكيران مباشرة بعد المصادقة على التصريح الحكومي، وأن الوقت قد حان مع الحكومة الجديدة، ومع الشعار الأساسي الذي رفعته والمتمثل في محاربة الفساد، لتحويل الجهود التي بذلها المغرب حتى الآن على المستويين التشريعي والمؤسساتي إلى نتائج ملموسة من خلال تفعيل القوانين لوضع حد للإفلات من المتابعة والعقاب واسترجاع الأموال العمومية المنهوبة.
- ما هي أولى ملاحظاتكم على التصريح الحكومي وارتباطه بتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد؟
يتضمن إجراءات آنية وأخرى تدخل في إطار البرنامج الوطني للنزاهة، وترى الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أن هذا البرنامج يتجاوب بشكل عام مع معطيين أساسيين يتمثلان من جهة في المستجدات التي جاء بها الدستور الجديد والذي قدم إجابات واضحة وضمنية على إشكالية الحكامة الجيدة ومكافحة الفساد، بحيث رفعها إلى مصاف الأولويات من أجل ترسيخ قيم الشفافية والمساءلة وإعطاء الحساب، ومن جهة أخرى، في توصيات ومقترحات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي أكدت على ضرورة تصحيح المسار الإصلاحي في مجال مكافحة الفساد بما يسمح بتجنيد مختلف آليات الوقاية والمراقبة وإنفاذ القانون.
ولا تمنعنا وجاهة هذه الإجراءات وشمولية طرحها من القول إن نجاعتها تظل رهينة بما سينبثق عنها من مقتضيات، خاصة على مستوى تأهيل وتحيين وتطوير تشريعات حماية المال العام والإثراء غير المشروع والتصريح بالممتلكات، ثم على مستوى إجراءات وعمليات ومواصفات للبرمجة والتخطيط، بالإضافة إلى ما سيخوله التشريع المنتظر للهيئة الوطنية للنزاهة من مقومات للوقاية والمكافحة، وإلى ما ستفرزه إجراءات مكافحة أنواع الريع والامتياز من بعد شمولي وقدرة على تغليب المصلحة العامة.
وأذكر بأن «المذكرة» التي وضعتها الهيئة على مكتب السيد رئيس الحكومة تتضمن اقتراحات من بينها اقتراحات ترمي بالأساس إلى تفعيل الإجراءات التي جاءت في التصريح الحكومي.
- كيف ترون مستقبل محاربة الفساد في ظل الحكومة الجديدة؟
إذا ألقينا نظرة على ما تم القيام به خلال العقد الأخير، فسنقف على إرادة تم التعبير عنها بقوة وتمت ترجمتها، إلى حد ما، إلى وقائع ملموسة تمثلت بالأساس في مواصلة استكمال الترسانة القانونية المغربية في مجال مكافحة الفساد من خلال مراجعة القانون الجنائي سنة 2004، ثم إصدار مجموعة من القوانين مثل قانون منع غسل الأموال وقانون التصريح الإجباري بالممتلكات، ثم أخيرا قانون حماية الضحايا والشهود في قضايا الرشوة وغير ذلك من النصوص.
كما تمثلت في إخراج عدد من المؤسسات أنجزت المهام المنوطة بها بالرغم من محدودية الموارد المالية والبشرية المرصودة لها، وساهم عملها هذا في الارتقاء ببعضها إلى مؤسسات دستورية كما هو الشأن مثلا بالنسبة للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة.
الآن مع الحكومة الجديدة، ومع الشعار الأساسي الذي رفعته والمتمثل في محاربة الفساد، أعتقد أن الوقت قد حان لتحويل الجهود التي بذلها المغرب حتى الآن على المستويين التشريعي والمؤسساتي إلى نتائج ملموسة من خلال تفعيل القوانين لوضع حد للإفلات من المتابعة والعقاب واسترجاع الأموال العمومية المنهوبة، ومحاصرة قلاع اقتصاد الريع خاصة أن مجالات الريع تعد بابا من أبواب الفساد الأساسية.
- ما هو رأي الهيئة الوطنية فيما يقع مؤخرا من فضح للمرتشين بالقضاء والصحة والمحافظة العقارية؟
أولا لابد من التأكيد على أنه مادامت هذه القضايا معروضة أمام القضاء، واحتراما لاستقلالية القضاء ولقرينة البراءة فمن غير الممكن الخوض فيها. لكن ما أريد قوله بهذا الخصوص يتلخص في أن مثل هذه الحالات ليست جديدة، فقد سبق أن تم اعتقال أشخاص آخرين في أوقات متفرقة بنفس الأسلوب وبداعي التلبس. الجديد الآن هو أن المغرب أصبح يتوفر على قانون يحمي الشهود والمبلغين وضحايا الرشوة، لكن، وهذا مهم أيضا، لا يفوتني التذكير بأن هذا القانون نفسه يعاقب أيضا على ما يصطلح عليه الوشاية الكاذبة، وكل هذا من أجل ضمان حقوق كل الأطراف.
- هل تعتبرون أن الإعلام شريك أساسي لفضح المفسدين ومحاربة الرشوة؟
دور الإعلام في مجال مكافحة الفساد دور أساسي بل محوري، ليس فقط في الجانب المتعلق بفضح الفساد، بل أيضا في نشر ثقافة وقيم النزاهة في المجتمع. سبق للهيئة أن شاركت برأي في الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع وقدمت مقترحات ترمي إلى تعزيز هذا الدور، أساسها الحق في التمتع بالحرية وبوضع اعتباري ومادي لائق، مع واجب التحلي بالمهنية واحترام أخلاقيات المهنة.
ذلك أن الإعلام يمارس ضغطا كبيرا من خلال فضح مسالك الفساد وأوكاره، وأيضا من خلال تعبئة الرأي العام لمواجهة هذه الممارسات والتنديد بها وهو ما يدفع في الكثير من الأحيان السلطات ذات الاختصاص إلى فتح تحقيقات قضائية بهدف استجلاء الحقائق ومعاقبة أفعال الفساد في حال ثبوت وقوعها.
وعندما أشرت سابقا إلى أن مكافحة الفساد تحتاج إلى مقاربة شمولية وتشاركية قلت إن الإعلام واحد من الفاعلين الأساسيين في هذا المجال.
- من مهام الهيئة، الحق في اقتراح التوجهات الكبرى لسياسة الوقاية من الرشوة على الحكومة. ولا سيما فيما يتعلق بالتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص لمكافحة الرشوة، ما هي أهم اقتراحاتكم للحكومة الجديدة؟
سبق لي أن أشرت إلى أن أهم المحاور التي ستشتغل الهيئة عليها من أجل بلورة اقتراحاتها للحكومة الجديدة تتلخص في مجموعة من النقط منها على الخصوص ترسيخ البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد، ملاءمة السياسة الجنائية مع متطلبات مكافحة الفساد، ضمان حق وأمن المواطنين في التبليغ عن الفساد، تحسين مستوى الحكامة السياسية، النهوض بقدرات المكافحة لدى الهيئة الوطنية للنزاهة.
هذا إضافة إلى تخليق المعاملات الاقتصادية والنهوض بحكامة المقاولات، التحسيس والتربية على قيم النزاهة ومكافحة الفساد وغيرها. وجدير بالذكر أن هذه الاقتراحات تندرج في إطار الاضطلاع بالصلاحيات الاقتراحية للهيئة في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وتعكس مضامينها الأبعاد الجديدة التي كرسها الدستور الجديد بشكل خاص في ما يتعلق بالتخليق والحكامة.
وقد وضعنا هذه المقترحات على مكتب السيد رئيس الحكومة مباشرة بعد المصادقة على التصريح الحكومي.
- أين وصل ورش إحداث قضاء متخصص في قضايا الرشوة؟
القضاء المتخصص هو واحد من المطالب الأساسية التي ظلت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة تلح عليها. لأن جرائم الأموال والرشوة ذات طبيعة خاصة وتحتاج أيضا إلى كفاءات وتكوين خاصين.
جزئيا، إذا جاز لي أن أقول ذلك، تم التجاوب مع هذا المطلب عبر إحداث غرف خاصة في عدد من محاكم الاستئناف بالمغرب، وأرى في هذا إشارة إيجابية وبداية الطريق نحو إقرار قضاء متخصص بشكل كامل في هذا النوع من القضايا، وذلك على غرار القضاء التجاري والإداري، وهو ما من شأنه أن يعالج مجموعة من الإشكالات منها على سبيل المثال البطء في معالجة الملفات وتراكم هذه الأخيرة في المحاكم العادية مما يحد من المفعول العقابي والردعي لجرائم الأموال.
في هذا الإطار ترى الهيئة أن تفعيل القضاء المتخصص هو القادر على إعطاء مفعول زجري لجرائم الأموال، وعلى منح القوانين الجنائية بعدَها التفسيري وقدرَتها على الاشتغال، وبالتالي على تطويق مختلف الجرائم المالية المستجدة. ويمر هذا التفعيل عبر ملاءمة مسطرة التحري والبحث والتحقيق لاستجلاء أدلة الإثبات بما يراعي خصوصيات جرائم الأموال، ثم إقرارِ مبدإ الاستفادة من خدمات مساعدي القضاء المتخصصين والهيئات المختصة والاستعانة بكفاءاتها في معالجة الملفات ذات الصبغة التقنية التي تحتاج إلى خبرات معينة، وأيضا عبر النهوض بالتكوين وبناء القدرات واكتساب الخبرات لمواكبة مختلف المستجدات، وكذا جمع الأحكام وتدوين الاجتهادات القضائية المتعلقة بجرائم الفساد، وأخيرا الإسراعِ بإحداث مرصد للإجرام من أجل الإحاطة الشاملة بمختلف مظاهر جرائم الفساد.
- هل تطوير الإطار القانوني والمؤسساتي لمكافحة الفساد، يكفي لمحاربة ظاهرة الرشوة بالمغرب؟
معالجة قضية الفساد تحتاج إلى مقاربة شمولية وتشاركية، وهو ما أكدت عليه الهيئة طيلة الثلاث سنوات التي باشرت فيها مهامها. هذه المقاربة تتكامل فيها الآليات الزجرية والوقائية، القانونية والمؤسساتية وتتضافر فيها جهود كل الفاعلين من دولة ومجتمع مدني وإعلام ومواطنين. نحن لم نخترع هذه المقاربة، لكنها المقاربة الأنجع على المستوى العالمي كما أثبتت ذلك التجارب وكما ذهبت إليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
إذن تطوير الإطار المؤسساتي والقانوني أمر مهم جدا، لكنه يحتاج إلى سند وجهود الفاعلين مجتمعين لتفعيله وتحويله إلى إجراءات وعمليات ملموسة وذات أثر في الواقع. وهذا السند لن يتحقق على الوجه المطلوب إذا لم يدخل في هذه المقاربة بعد آخر هو البعد التربوي والتحسيسي الذي يمكن من خلاله نشر وترسيخ قيم النزاهة والمواطنة، وإذكاء ثقافة رفض الفساد.
- من مهام الهيئة أيضا، إخبار السلطة القضائية المختصة بجميع الأفعال التي تبلغ إلى علم الهيئة، بمناسبة مزاولة مهامها والتي تعتبرها أفعالا من شأنها أن تشكل رشوة يعاقب عليها القانون، هل تم تفعيل هذه الآلية من طرف الهيئة خلال سنوات عملها؟
تلقت الهيئة خلال ثلاث سنوات من عملها حوالي 250 شكاية عن طريق البريد أو الحضور المباشر إلى مقرها. كما تلقت حوالي 1000 شكاية وتبليغ عبر بوابة www.stopcorruption.ma» المخصص للمقاولات الصغرى والمتوسطة. وحسب ما هو منصوص عليه في مرسوم إحداث الهيئة فقد تمت معالجة هذه الشكايات وعرضت على اللجنة التنفيذية التي قررت إحالة عدد منها على السلطات القضائية، كما أحيل بعضها على الإدارات المعنية... هذا هو الدور المخول للهيئة في هذا الشأن حتى الآن، لكن من شأن الصلاحيات الجديدة التي منحت للهيئة بعد الارتقاء بها إلى مؤسسة دستورية أن تذهب أبعد من مجرد الإحالة على السلطات ذات الاختصاص، بل قد تقوم بتحريات وتحقيقات تساعد على استكمال الملف وإحالته جاهزا على النيابة العامة المخول لها تحريك الدعوى.
- مع بدء العمل رسميا بقانون حماية المبلغين عن الرشوة، ما هي بنود هذا القانون الذي اقترحته الهيئة؟· وهل سيكون له أثر جيد مستقبلا على محاربة الرشوة بالمغرب؟
حماية المبلغين والشهود والضحايا من الركائز الأساسية في مجال مكافحة الفساد، اعتبارا لكون الفساد ممارسة لا تتم إلا في الظلام، وغالبا دون شهود. انطلاقا من هذه القناعة وانسجاما مع مقتضيات الاتفاقية الأممية أنتجت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أرضية لمشروع قانون في هذا الاتجاه، وجدت طريقها إلى المصادقة داخل البرلمان وانتهت بتبني قانون يحمي الشهود والضحايا والمبلغين والخبراء في قضايا الفساد نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 20 أكتوبر 2011.
يتضمن هذا القانون مجموعة من الإجراءات التي تجعل منه أداة فعالة من أدوات مكافحة الفساد خاصة إمكانية انتصاب الضحية كطرف مدني، وعدم متابعة الموظف بتهمة إفشاء السر المهني عندما يتعلق الأمر بالفساد وإخفاء الهوية وتخصيص رقم هاتفي خاص للاتصال به عند الضرورة ثم ضمان الحماية الجسدية للمعني وأقربائه وكذلك إمكانية تلقي الشكاية أو التبليغ عن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة.
قد يكون هذا القانون، على غرار كل القوانين الأخرى، في حاجة إلى تطوير وتعزيز مقتضياته، لكن الأكيد هو أنه سيحرر المواطنين من الخوف الذي كان ينتابهم وهم يفكرون في تبعات التبليغ عن أفعال الفساد التي كانوا ضحية لها أو شهودا عليها، كما أنه سيساهم في إشراكهم في الجهود التي تبذلها الأطراف الأخرى المعنية بمكافحة الفساد وذلك بهدف وضع حدا للإفلات من المتابعة والعقاب.
- نظمت الهيئة، مؤخرا، اجتماعا تنسيقيا مع وزير الصحة الجديد، لماذا اخترتم قطاع الصحة كأول وزارة تجتمعون بها بعد تنصيب الحكومة الجديدة؟
هذا اللقاء تم في إطار اتفاقية التعاون التي وقعتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ووزارة الصحة، وذلك لبحث سبل تفعيلها وسبل أجرأة التوصيات التي خلصت إليها الهيئة المركزية انطلاقا من الدراسة التي تم إنجازها في القطاع.
أما بخصوص اختيار قطاع الصحة، فقد جاء الاجتماع بمبادرة من وزير الصحة كإشارة منه على أنه سيضمن استمرارية العمل والتعاون مع الهيئة بموجب الاتفاقية المذكورة وكذلك على رغبته كما جاء في البلاغ الصحفي عقب الاجتماع في جعل قطاع الصحة نموذجا في مجال تخليق الحياة العامة.
عموما تعكس الاتفاقيات التي وقعتها الهيئة مع وزارات الصحة والتربية الوطنية والإسكان من جهة سعيا لتكريس المقاربة التشاركية في مجال مكافحة الفساد، ومن جهة أخرى رغبة في تعميق المعرفة الموضوعية بالظاهرة من خلال إنجاز دراسات وإعداد استراتيجيات وبرامج عمل قطاعية تستجيب لخصوصيات كل قطاع.

- أحدثت الهيئة منذ 4 سنوات تقريبا، ما هي أهم المنجزات التي تم تحقيقها؟
مرسوم إحداث الهيئة صدر فعلا في مارس 2007، لكن عملها لم ينطلق فعليا إلا في يناير 2009، أي قبل ثلاث سنوات فقط علما أن تعييني رئيسا لها تم في 20 غشت 2008. وبالرغم من مهامها المقيدة في مرسوم الإحداث فقد تمكنت من المساهمة بفعالية في ورش مكافحة الفساد الذي فتحه المغرب خاصة منذ أواخر القرن الماضي. في هذا السياق أدت دورها الاقتراحي على أكمل وجه من خلال تقريرها لسنة 2009، وآرائها بخصوص الصفقات العمومية وإصلاح القضاء والجهوية الموسعة، إضافة إلى مساهمتها في تخليق العمل السياسي من خلال تقرير حول الفساد الانتخابي واقتراح ميثاق لأخلاقيات الممارسة السياسية. هذا فضلا عن دراستين قطاعيتين والشروع في تفعيل شراكات مع عدد من الوزارات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وإدارة الجمارك وغيرها...
كما ساهمت الهيئة المركزية في التعريف بمختلف الجهود التي بذلها المغرب في مجال مكافحة الفساد، فكان تنظيم المؤتمر السنوي والجمع العام الخامس للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد وكذا الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف بمراكش نهاية السنة الماضية نوعا من الاعتراف بهذه الجهود، وتشجيعا لها.
- من مهام الهيئة تحسيس الرأي العام وتنظيم حملات إعلامية، لكن الملاحظ أن الوصلات الإشهارية للوقاية من الرشوة جد قليلة، لماذا؟هل هناك نقص في الموارد المالية للقيام بذلك؟
لم نقم حتى الآن بأي حملة تحسيسية عن طريق الوصلات «الإشهارية» كما سميتها، بالرغم من أن التوعية والتحسيس واحدة من المهام الأساسية المنوطة بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وذلك لعدة اعتبارات منها ما يتعلق بالميزانية التي يجب أن ترصد لهذا النوع من العمليات، فحملة تواصلية على نطاق واسع وباستعمال مختلف وسائل الإعلام تحتاج إلى مبالغ مرتفعة جدا، ومنها ما يتعلق بقناعتنا داخل الهيئة المركزية المتمثلة في أن الحملات التحسيسية الموجهة للمواطنين يجب أن يسبقها عمل على مستوى الفاعلين الآخرين في مجال مكافحة الفساد، من قبيل تعميق إصلاح الإدارة والقضاء وتخليق الحياة السياسية، لأن إجراءات من هذا النوع ستجعل المواطن يستعيد ثقته في المؤسسات وبالتالي مستعدا للتفاعل والتجاوب بشكل إيجابي مع الرسائل التي ستحملها أي حملة تحسيسية في هذا الاتجاه.
وقد وضعت الهيئة المركزية ضمن أنشطتها للسنة الجارية إنجاز حملة تواصلية، وقد أعدت في هذا الإطار إستراتيجية متكاملة وبرنامج عمل.
- كيف هي علاقتكم بالمجتمع المدني وخاصة «ترانسبارنسي المغرب»، وهل هناك تنسيق فيما بينكم؟
المجتمع المدني فاعل وشريك مهم، وعند إحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة تمت مراعاة هذا الأمر من خلال تمثيلية وازنة للمجتمع المدني داخل الجمع العام للهيئة، وما من شك في أن هذه التمثيلية ساهمت في إغناء النقاش داخل الهيئة وأيضا القرارات التي خرجت بها خلال ثلاث سنوات من العمل. بالنسبة لترانسبارنسي المغرب فقد عملنا معا في بعض المشاريع منها إحداث مرصد للأخلاقيات بين إدارة الجمارك والقطاع الخاص، بالإضافة إلى المشاركة المتبادلة في بعض الأنشطة، لكن ليس هناك حتى الآن تعاون أو شراكة في إطار اتفاقية مثلا، وهو ما نأمل حصوله في المستقبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"