في هذا المقال الجديد، سنستفز مرة أخرى أصحاب المقاولات الخاصة وأعوانهم في إدارة المبيعات؛ وسنطرح عليهم السؤال التالي: هل تؤسسون نشاطكم التجاري لدى المشتري العمومي وفق استراتيجية خاصة بالصفقات العمومية؟
يتمخض عن
هذا الاستفسار المباشر سؤال غير مباشر كالتالي: هل المقاولة تحتاج إلى استراتيجية
خاصة بميدان الصفقات العمومية؟
حقيقة، قد لا يكون مخطأ من يعتقد أن
المقاولات ليست في حاجة إلى بلورة استراتيجية ونشاط تجاري معد خصيصا للصفقات
العمومية، خاصة وأن كل الطرق تؤدي إلى مليارات هذه العقود بما فيها
استراتيجية شاملة لا تميز بين زبناء القطاع العام والخاص. بالمقابل من هذا الطرح، دعونا ندرس
من خلال عرض مجموعة من التجارب الحية مدى أهمية أن تتوفر المقاولة الخاصة على
استراتيجية في هذا الميدان:
- إليكم التجربة الأولى التي تخص مقاولة استطاعت في ظرف وجيز الحصول على العشرات من الصفقات العمومية تقدر قيمتها بملايين الدراهم. هدف رائع بلا شك، لكن للأسف الحصيلة ليست كذلك. في الواقع، نصف هذه المعاملات استنزفت في النزاعات: فسخ عقود، حجز الضمانات، اقصاء من المشاركة في طلبات العروض ومتابعات قضائية. أتساءل معكم كم ستؤدي هذه الشركة مقابل خدمة تخلصها من مثل هذه الخسائر؟. كم يكون الارتجال ملكفا!
- مع المقاولة الثانية وهي شركة متعددة الجنسية فازت بعقد خدمات إداري متعدد السنوات. مع السنة الأولى من تنفيذه، سجلت المقاولة خسائر شهرية قيمتها 400 ألف درهم. السبب أنها لم تعتبر ولم تتناول أحد المخاطر خلال فترة التفاوض والتوقيع. مغامرة غير سارة العواقب!
- الشاهد الثالث في هذا السلسلة مقاولة بقطاع الصناعة الغذائية. رغم ثورة الأنترنت 4.0 لا تزال هذه المقاولة الكبيرة ترسل أعوانها بالسيارات، يقطعون في سفرية واحدة مسافات ما بين 200 و 1400 كلومتر من أجل وضع غلاف عروضها لدى أحد أصحاب المشاريع الموزعين على التراب الوطني. في حين أن بإمكان أعوانها إرسال العروض بطريقة إلكترونية وهم يحتسون القهوة من داخل مقر الشركة. لعلها لا تعلم بوجود برنامج نزع الصفقة المادية عن الصفقات العمومية أو هي تقاوم وجودها وتتمسك بعادتها القديمة. الواضح أنها تتحمل تكاليف ومخاطر ليست بالهينة!
- التجربة الرابعة تمثل حالة مقاولة أشغال فقدت ضمان مؤقت بقيمة تفوق مليون درهم. سبب هذه الخسارة: رسالة حررتها المقاولة جوابا على استفسار لجنة طلبات العروض. من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه، استعانت هذه المقاولة بخبرة خارجية واشتغلت على مسطرة قضائية طويلة جدا. كم هو باهض ثمن نقص الكفاءة!
- في تجربة خامسة، مقاولة أشغال أخرى تقوم "بأي شيء" من أجل الظفر بصفقات عمومية. حاليا، المقاولة في عسر عن السداد بسبب هذه الصفقات وتحاول بصعوبة انقاذ نفسها من الإفلاس. وتتربص مسطرة المعالجة القضائية بالمقاولة المنهكة ماليا. إذا، قد تسلك المقاولة ي طريق من أجل الكسب السريع لكن قد يؤدي ذلك أيضا إلى الهاوية على الرغم من سلامة النية. أي تسيب في التسيير هذا!
- قبل ختم لائحة التجارب، أحدثكم عن جمعية مهنية، أعضاؤها لم يستوعبوا ولم يتتبعوا تطور سياسية زبونهم المحسوب على القطاع العام. لم يفهموا توجهه من أجل تحديث المرفق الذي يقع تحت صلاحياته وتأثير ذلك على دفتر التحملات المؤطر للعلاقة التعاقدية. في النهاية، أضاعوا جزء مهم من حصتهم من السوق. خسارة لا تغتفر!
سأكتفي بهذا العدد من تجارب مقاولات مغربية في ميدان
الصفقات العمومية بل الطلبية العمومية. وهي تشكل أمثلة عملية توضح لأصحاب المقاولات
مدى أهمية التدبير الاستراتيجي للمبيعات المتوجهة للهيئات العمومية.
من المهم أيضا طرح السؤال التالي: كم تمثل كلفة إعداد
وتنفيذ استراتيجية خاصة بالصفقات العمومية بالمقارنة مع حجم هذه الخسائر الفادحة
المترتبة عن
اختلال التسيير؟
هل يكفي كل هذه لإقناع أصحاب المقاولات، نعم أم لا؟
إذا تودون تأسيس نشاطكم التجاري في ميدان الصفقات العمومية وفق مقاربة استراتيجية، يمكن طلب الاستفادة من خبرتنا الميدانية واستثمار كل مؤهلات قطاع الصفقات العمومية في خدمة طموحكم. زوروا موقعمنا على هذا الرابط (الرابط) للتعرف علينا أكثر وطلب لقاء وترتيب عمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"