9/29/2012

الشراكة بين القطاع العام و الخاص : وزارة المالية ترد


في إطار التعليق العمومي على مشروع قانون يتعلق بالشراكة بين القطاعين العام و الخاص الذي أعلنت اللجنة المكلفة بنشر مشاريع النصوص التشريعية و التنظيمية عن وضعه على موقع الأمانة العامة للحكومة بتاريخ 1 غشت 2012، تقدمت* بمجموعة من التعاليق بصفتي مواطن مغربي مهتم بالصفقات العمومية و بباقي أشكال الطلبات العمومية. و قد تناولت التعليقات مواضيع تخص المقاولات الصغيرة جدا و التعاونيات و نقل الخبرات،
و كذا حق الولوج إلى المعلومات و حق الملكية الفكرية و غيرها من المواضيع
و لقد استحسنت إعادة نشر التعليقات التي أرسلتها، إلى جانب ردود وزارة الإقتصاد و المالية ممثلا في مديرية المنشآت العامة و الخوصصة، حتى تعم الفائدة عموم المواطنين و خاصة متتبعي مدونة الصفقات العمومية المغربية.
و قبل عرض هذه التعاليق، لابد من الإشارة بداية إلى الملاحظات التالية :
أولا، التنويه بجهود السلطات المختصة في تفاعلها مع التعاليق المعروضة على أنظارها.
ثانيا، حسب رد وزارة المالية على التعليق رقم 8، فالمقاولات الصغيرة جدا مشمولة بالتدابير القانونية، التي تضمنها الفصل 9 من مشروع القانون السالف الذكر، و الرامية إلى استخدام عقود الشراكة من أجل النهوض بالمقاولات الوطنية إلى جانب المقاولات الصغرى و المتوسطة.
ثالثا، ثم التأكيد على ضرورة  نشر المعلومات التعاقدية و المالية المتعلقة بمشاريع الشراكة تفعيلا لحق المواطن في الولوج إلى المعلومة و واجبه في الانخراط في مراقبة تسيير الشأن العام.
رابعا، تثمين هذه الممارسة الجديدة التي أصبحت جزء من منهجية التشريع بالمغرب و التي تقوم على إشراك مختلفة الفاعلين و المواطنين المهتمين في مسلسل إعداد النصوص القانونية. هذا على الرغم من أن تحقيق جوهر هذه المقاربة الجديدة في 
التشريع يحتاج مزيدا من الجهود على عدة مستويات.
 خامسا، ردت وزارة المالية بالفرنسية على كل التعاليق بما فيها التعاليق التي تم تقديمها باللغة العربية.

 بعد عرض هذه الملاحظات، أقدم، فيما يلي، إحدى عشرة تعليق حول مشروع قانون الشراكة، و وجهة نظر وزارة المالية تجاه كل تعليق:

1، على مستوى الترجمة
ثم إعداد مشروع القانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام و الخاص باللغة الرسمية العربية و باللغة الفرنسية. و لقد أثار انتباهي أن ترجمة بعض الكلمات ليست مضبوطة بالشكل الذي يقوي جودة النص و يزيل مخاطر اختلاف التفاسير الناجمة عن قراءة كل نسخة.

أمثلة :

: تترجم تارة ب كلمة "إبرام"
 كما في بيان الأسباب و المواد 10 و 25.CONCLUSION OU CONTRACTER
و تارة تترجم ب :
 كما في المواد 3 و 4.PASSATION

 تترجم تارة ب "BIENكلمة "
بالأموال و تارة بالممتلكات كما في الفصول 14 و 10 و 12 و 22

تترجم تارة ب SUBSTITUTION
بالإحلال (المادة 10) و تارة بالاستبدال (المادة 21

رد وزارة المالية على التعليق رقم 1 : الكلمات المستعملة في الترجمة لها نفس المدلول و لا يمكن أن ينشأ عنها اختلاف.

2، تحديد لائحة مرجعية عن الخدمات التي يمكن أن تكون محل عقد الشراكة أو ضبط اللجوء إليها بمعايير محددة

كون الشراكة بين القطاعين العام و الخاص تجربة شابة، من الأفضل، احتياطا، تحديد لائحة مرجعية واضحة عن الخدمات التي يمكن أن تكون محل عقد الشراكة أو على الأقل ضبط اللجوء إليها بمعايير قانونية و اقتصادية و مالية و بيئية و تقنية واضحة ، حتى يتم التحكم فيها و تطويرها تدريجيا و فق نتائج المشاريع المنجزة.
و يبرر هذا الاحتياط، تجربة التدبير المفوض( و قبلها تجارب الخوصصة) التي سارعت إليها الهيئات العمومية دون أن تتثبت من جدواها و قدرات مصالحها على تسييرها. و النقاش المفتوح حاليا حول نتائج هذا الصنف من العقود يعزز هذا التدبير الاحترازي المقترح.
رد وزارة المالية على التعليق رقم 2 : مشروع القانون، الذي يخص القطاعات التجارية و غير التجارية، نص على  مبدأ التقييم القبلي الذي يمكن من التحقق من جدوى اللجوء إلى عقد الشراكة  من عدمه. علما أن أحكام التقييم القبلي سيتم تحديدها في نص  تنظيمي.
  
3، اعتماد المقاربة التشاركية في اختيار الخدمات موضوع العقد
من الأفضل أن يأسس التقييم القبلي(المادة 2) للمشروع موضوع الخدمة وفق مقاربة تشاركية يستشار فيها عموم المرتفقين ( المواطنون و الفاعلون الاقتصاديون) أو المعنيون منهم بعقد الشراكة (تمويلا أو استفادة أو غير ذلك) و ذلك لاعتبار ملاحظاتهم في مرحلة الإعداد و معالجة تخوفاتهم مسبقا و ضمان انخراطهم لاحقا بشكل إرادي في تنفيذ المشروع.

رد وزارة المالية على التعليق رقم 3 : التقييم القبلي هو صيرورة أنشطة لا تستثني المقاربة المشركة للمواطن و الفعالين الاقتصاديين.

4، النظر القبلي في قدرات الهيئات العمومية على تتبع تنفيذ العقد

من الأفضل أن يعنى التقييم القبلي المنصوص عليه في المادة 2 صراحة بمدى توفر الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام على القدرات الضرورية لتتبع تنفيذ عقد الشراكة. في نظري الإجابة على هذا السؤال مهمة حتى نتفادى ما وقع في تجربة التدبير المفوض التي سجلت عوزا كبير لدى السلطات المفوضة على مستوى الكفاءات الضرورية لتبع خدمات معقد بطبيعتها التقنية و المالية.
و الإجابة على هذا السؤال مهمة كذلك من ناحية العلاقة بالكلفة الإجمالية للمشروع موضوع الخدمة، خاصة إذا كان تتبع و مراقبة تنفيذ العقد تستوجب توفير إمكانات بشرية متخصصة (توظيف كفاءات جديدة ) أو اللجوء إلى خبرات خارجية.

رد وزارة المالية على التعليق رقم 4 :  تستطيع الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات و المقاولات العمومية و كل شخص معنوي خاضع للقانون العام، اللجوء إلى الخبرة الخارجية من أجل ضمان تتبع عقود الشراكة.

5، إدراج المبادئ المؤطرة للمرافق العمومية

أقترح أن تدرج المبادئ المؤطرة للمرافق العمومية في المادة 3، و أعني هنا : مبدأ المساواة بين المرتفقين و مبدأ الإنصاف في تغطية التراب الوطني، خصوصا و أن المادة 21 نصت على أحد هذه المبادئ : استمرارية المرفق العام.
و رغم أن الدستور المغربي الذي يتضمن هذه المبادئ يعلو ضمنا على باقي النصوص القانونية بما فيها مشروع قانون الشراكة، إلا أن إدراج هذه المبادئ يكون على سبيل التذكير و لفت الانتباه لأهمية التقيد بها و احترامها في مختلف مراحل إعداد و تنفيذ الأعمال موضوع الشراكة.
و يزكي هذا الاقتراح كون هذه المبادئ ذات الطابع الاجتماعي تفيد المواطن بالأساس، و من اللائق أن يكون المشرع حريصا على تضمينها في هذا القانون كما حرص على تقنين المبادئ ذات الطابع الاقتصادي التي تفيد المقاولة، حيث نص في المادة 3 على 
مبادئ حرية الولوج، و المنافسة مثلا.


رد وزارة المالية على التعليق رقم 5 : لقد تضمنها الدستور هذه المبادئ، بما فيها مبدأ تغطية التراب الوطني.

6، هل يشكل الحوار التنافسي واحدة من طرق إبرام العقد؟

الحوار التنافسي حسب منطوق المادة 6 يهدف إلى " تحديد و تعريف الوسائل الكفيلة بتحقيق أفضل تلبية للحاجيات المحددة مسبقا"
الواضح إذا أن الحوار التنافسي يقف عند هذا الحد أي عند هذا الهدف و لا يفضي صراحة إلى إسناد العقد.
لهذا، "الحوار التنافسي" لا يمكن اعتباره طريقة لإبرام عقود الشراكة، بل هو وسيلة ينهجها الشخص العمومي الخاضع للقانون العام "من أجل تحديد و تعريف الوسائل الكفيلة بتحقيق أفضل تلبية للحاجيات المحددة مسبقا" إذا تعذر عليه القيام بذلك بوسائله الداخلية؛ بصيغة أخرى الحوار التنافسي يقف عند حدود إعداد دفاتر التحملات، و هي، في الواقع، مرحلة لا تحسب على مسلسل تفويت أو طرق إبرام العقد، بل تعتبر أحد مدخلاته فقط.
إذا كان هذا هو هدف المشرع من الحوار التنافسي، فلا أرى داعيا إلى اعتباره كواحدة من طرق إبرام العقد، و أقترح بالتالي توضيح المادة 6  و إخراجها من مواد الباب 2.
و قد يعزز هذا التحليل، ما ذهبت إليه المادة 8 حين نصت في آخر فقراتها على " طلب العروض" مرتين،  يما يوحي أن العرض التلقائي، في حالة قبوله من قبل الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام، يفضي إلى اللجوء إلى طريقة طلب العروض من أجل إسناد العقد، على الرغم من أن هناك طرق إبرام أخرى منصوص عليها في الباب الثاني. و كذلك الشأن بالنسبة للمادة 9 التي تتحدث عن ملف "طلب العروض" بما يوحي أنها تفصل في طلب العروض كطريقة أصلية لتفويت العقد، و يبقى استثناؤها هو المسطرة التفاوضية.


رد وزارة المالية على التعليق رقم 6 : الحوار التنافسي يعتبر واحدة من طرق تفويت عقود الشراكة.

7، احترام حقوق الملكية الصناعية في حالة العرض التلقائي

من المفيد أن تتضمن المادة 8 وجوب تقيد الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام  بحقوق الملكية الصناعية المرتبطة بالعرض التلقائي لفائدة صاحب هذا العرض عند الاقتضاء حفاظا على مصالحه و تشجيعا للمقاولات المبتكرة على تقديم مثل هذه العروض تحت مظلة الضمانات القانونية الملزمة باحترام حقوق الملكية.


رد وزارة المالية على التعليق رقم 7 : المادة 7  تنص على إمكانية اللجوء إلى المسطرة التفاوضية في حال عدم إمكان إنجاز خدمة أو استغلالها إلا من قبل فاعل خاص وحيد دون المس بحق الملكية الصناعية.

8، جعل الطلبات العمومية وسيلة لإنعاش النسيج الاقتصادي في حالة إسناد عقد الشراكة إلى مقاولات أجنبية

على الرغم من تثمين الاهتمام "بالمقاولات الصغرى و المتوسطة" (المادة 9) تجدر الإشارة إلى أنها  ليست الفئة الوحيدة المكونة للنسيج الاقتصادي الوطني التي تستحق العناية من خلال استعمال الطلبات العمومية كوسيلة لإنعاشها. لذلك أقترح عليكم التفكير في إضافة :
"إنعاش المقاولات الصغيرة جدا"، خصوصا إذا لم تكن هناك ضمانات قانونية تفيد بأن فئة المقاولات الصغرى تشمل أيضا فئة المقاولات الصغيرة جدا. علما أن النهوض بالتشغيل يمر كذلك و بالأساس عبر خلق و إنعاش هذه الفئة من المقاولات.
 "إنعاش التعاونيات"، خصوصا و أن ورش إصلاح هذا القطاع مفتوح و من المنطقي أن يستفيد من الفرص التي يتيحها هذا النوع من الطلبات العمومية. فإذا تشكلت مثلا تعاونيات في قطاع البناء يمكنها أن تستفيد من صفقات إنجاز و إعادة توظيف و صيانة المنشآت و البنيات التحتية التي من الممكن أن ترافق تنفيذ عقد الشراكة.
"إنعاش إدماج الفئات الأقل حظا في التوظيف" كذوي الاحتياجات الخاصة حتى لا ينفلت هذا الشكل من الطلبيات العمومية من جهود الدولة الرامية إلى إدماجهم.
و كذلك "إنعاش التشغيل" في ارتباطه بالمجال الترابي وطنيا أو محليا إن تعلق الأمر بخدمة عمومية محلية.
مساحة إعلانية : صدر كتاب جديد باللغة الفرنسية تحت عنوان "guide des marchés publics à l'intention des entreprises"   يتناول فيه المؤلف كيفيات و شروط منافسة المقاولات على الصفقات العمومية المغربية. أنقر هنا لمزيد من التفاصيل بالعربية أو اقرءها هنا باللغة الفرنسية
و في نفس السياق، و تحسبا لتفلت هذه العقود من منافسة المقاولات الوطنية، خصوصا و أن المقاولات العالمية الكبيرة  قد تتفوق على نظيرتها الوطنية في جوانب تتعلق بالتمويل أو بالابتكار و حلول التنمية المستدامة، و حتى لا تخرج المقاولات الوطنية و الكفاءات الوطنية في هذه الحالة خالية الوفاض من إنجاز هذه العقود، يمكن تقييم العرض الأكثر امتيازا بالنظر كذلك إلى التزامات الشريك الخاص (المقاولة العالمية) فيما يخص "نقل الخبرات و التكوين " و كذلك ما يسمى بالفرنسية
LA COMPENSATION COMMERCIALE”

و يزكي هذه الاقتراحات، التوجه العام الذي تعرفه نظم الصفقات على المستوى العالمي على إثر الأزمة العالمية، حيث سجلت تدابير من هذا القبيل لا تترك الاقتصاد الوطني دون حصانة من آثار الأزمات. و كمثال على ذلك، توجهات فرنسا فيما يخص الصفقات. فالحكومة الفرنسية تعمل على إعادة مراكز النداء التي تعمل من خارج فرنسا، بل وأقدمت مؤخرا على إجبار إحدى الشركات التي فازت بصفقة تدبير مركز للنداء، بتخصيص جميع مناصب الشغل التي سيوفرها المشروع للفرنسيين، وهو ما يعني مباشرة تخلي الشركة على جميع مناصب الشغل التي كان المغرب يستفيد منها سابق و التي تفوق 80 منصبا.
أما على مستوى الإتحاد الأوربي، فاللجنة الأوربية تعمل على تفعيل قاعدة "المعاملة بالمثل" اتجاه الصين و الولايات المتحدة الأمريكية لتوطين عقود الصفقات. و الأمثلة كثيرة.

رد وزارة المالية على التعليق رقم 8 : من بين المعايير المنصوص عليها في المادة 9 يأتي الإجراءات المتخذة من أجل النهوض بالمقاولات الصغرى و المتوسطة الوطنية، يما فيها المقاولات الصغيرة جدا.

9، إحالة ضمن المادة 13

يبدوا أن هناك خطأ في الإحالة على مستوى المادة 13. فمن المفروض أن تحيل المادة 13 على المادة 15 و ليس 14

رد وزارة المالية على التعليق رقم 9 : أخذت هذه الملاحظة بعين الاعتبار

10،  تدقيق عقد الشراكة

المادة 26 تجعل من تدقيق العقد اختياريا و ليس إجباريا. من الأفضل للمشرع أن يكون أشد حرصا على المراقبة في مرحلة يعزز فيها المغرب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة و ممارسات الحكامة. فحجم الأموال المفترض أن تضخها هذه العقود و أهمية الخدمات التي تقدم للمواطن و المرتفقين يجعل من التدقيق إجراء ذا أهمية قصوى. و مقارنة مع المرسوم المنظم للصفقات، نجد أن المشرع جعل تدقيق الصفقات التي تتجاوز خمسة ملايين درهم إجباريا، في حين أن هذا القانون يجعل تدقيق عقود الشراكة اختياريا. 
فبالنظر إلى موضوعها و قيمتها المالية، أقترح أن يكون تدقيق عقود الشراكة إجباريا مرة كل سنة على الأقل أو ثلاث سنوات على الأكثر حسب مدة العقد (متوسطة أو بعيدة أو بعيدة جدا).


رد وزارة المالية على التعليق رقم 10 : تعود سلطة تقدير القيام بتدقيق عقود الشراكة، عل مستوى شروط و طرق إعدادها  و تفويتها و تنفيذها، إلى صلاحيات مؤسسات الرقابة المعنية.

حادي عشر، نشر موجز عن عقد الشراكة و معلومات تتعلق به.

من الأفضل أن ينص القانون على ضرورة نشر موجز عن العقد و كل ملحقاته في الجريدة الرسمية مادام الأمر لا يضر بالمتعاقد، و ذلك تفعيلا لحق المواطن في الولوج إلى المعلومة و واجبه في الانخراط في مراقبة تسيير الشأن العام. و نفس الشيء بالنسبة للمعلومات المالية المتعلقة بالأعمال موضوع الشراكة.


رد وزارة المالية على التعليق رقم 11 : اقتراح معتمد، إذا ما استحضرنا ضرورة خضوع كافة مراحل المشروع إلى الشفافية و إلى أنشطة تواصلية.



*هشام التزكيني. مدير مدونة الصفقات العمومية المغربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشر تعليق يلزم فقط صاحبه فيما يخص واجب احترام القانون وقواعد المحتوى الخاصة ب "بلوغر"